دراسة LAU عن الطعام المهدور في لبنان
ثلث كميات الطعام تذهب هدراً
هل يعقل ان ثلث طعام اللبنانيين يذهب هدراً في الوقت الذي تكابد غالبية اللبنانيين من اجل الحصول على رغيف الخبز ولقمة العيش نتيجة الازمة الاقتصادية – الاجتماعية الخانقة التي يعاني منها لبنان ؟
موضوع هدر الطعام، او الطعام المهدور كان عنوان الطاولة المستديرة التي عقدت في الجامعة اللبنانية الاميركية LAU لمناسبة ”اليوم العالمي للتوعية على هدر الطعام“ بتنظيم من برنامج التغذية في قسم العلوم الطبيعية التابع لـ كلية الاداب والعلوم بحضور مدير عام وزارة الاقتصاد محمد ابي حيدر، وممثل برنامج الامم المتحدة للبيئة باولو مالنجو، والدكتور محمد ابيض من قسم علوم الغذاء في الجامعة الاميركية في بيروت، الى جانب الاستاذ المشارك في برنامج التغذية في LAU الدكتور حسين حسن، في حين ادارت الندوة الدكتورة لمى مطر، بحضور حشد من الطلاب والطالبات والمهتمين.
واستهلت الندوة بترحيب وتقديم لعميدة كلية الاداب والعلوم الدكتورة كاتيا جنيناتي عن اهمية الموضوع في ظل العجز عن تأمين الطعام للكثير من العائلات، وحضت على ان يكون الحل شاملاً مختلف قطاعات الاقتصاد والاعمال والمستهلكين وصولاً الى معالجة هذه المشكلة الانسانية. وتلتها مطر التي اوضحت ان الطعام المهدور في لبنان والعالم يمكنه إطعام مليار شخص حول العالم. وعرض ابي حيدر لوضع الغذاء في لبنان واكد رغبة وزارة الاقتصاد واستطراداً الحكومة اللبنانية في التعاون مع القطاع الخاص من اجل حل مشكلة الامن الغذائي. وتحدث عن مشكلات عدة اختصرها بالحصول على الغذاء وسلامته وتأمين الوصول اليه واوضح ان لبنان يشتري 80 في المئة من المواد الغذائية التي يستهلكها، وقدم القمح نموذجاً حيث يشتري لبنان 81 في المئة من القمح من اوكرانيا و 14 في المئة من روسيا ويكتفي بالبقية من الانتاج الزراعي المحلي. اما الدكتور ابيض فتحدث عن ارتباط الهدر في الطعام بمبدأ تناول الطعام خارج المنزل ما يؤدي الى زيادة كميات الطعام المهدورة، واشار الى ارتباط الهدر بمفاهيم الضيافة اللبنانية واقامة الموائد العامرة. وكانت كلمة لباولو مالنجو الأخصائي في فعالية الموارد والانتاج والاستهلاك المستدامين لدى برنامج الامم المتحدة للبيئة، حول ازمة الطعام والهدر فيها .
وقدم الدكتور حسن ارقاماً عن خلاصات دراسات ميدانية اعدتها LAU عن ”هدر الغذاء“ في لبنان على المنازل والمطاعم وشملت 222 مطعماً في بيروت والمناطق ومنهم 500 زبون لدى هذه المطاعم، وبينت ان اكثر من ثلث كميات الطعام في المطاعم تذهب هدراً في لبنان سنوياً ما يساهم بشكل مباشر في تفاقم أزمة النفايات. وشرح ان ارتفاع نسبة الهدر في الغذاء في لبنان يزداد كلما ارتفع عدد الاشخاص الجالسين الى مائدة الطعام واستطراداً كلما زادت نسبة ”المازات“ و”المقبلات“. والمحزن ان الدراسة اوضحت اموراً لا تحصل إلا في لبنان فقط، مثل طلب النارجيلة والكحول مع الطعام الذي يساهم في زيادة الهدر، ذلك ان الجلوس مدة اطول الى المائدة أو ”السفرة“ يؤدي الى طلب المزيد من الاطعمة بغرض التنويع ما يؤدي الى زيادة كميات الطعام المهدورة. واتضح من الدراسة ايضاً ان الجندر (جنس الانسان) والعمر والوضع العائلي لا تؤثر على وضع الغذاء المهدور، لكن الوضع الاقتصادي – الاجتماعي للفرد يؤثر على هذا الموضوع، ذلك ان المطاعم الباهظة الكلفة يهدر فيها الكثير من الطعام بنسبة تتجاوز المطاعم ذات الكلفة المتدنية، ويعود ذلك الى ان الاغنياء او الميسورين يحاولون إظهار كرمهم وثرائهم من خلال تقديم المزيد من الاطعمة على الطاولة، اضافة الى انهم لا يأخذون بقايا الطعام معهم (على عادة الاوروبيين). والمثير في الدراسة ان المطاعم ذات الكلفة المنخفضة تتسبب بالهدر ايضاً لأن البعض يعتبرها رخيصة فـ ”يسترخص“ ويأخذ في طلب المزيد من الاطعمة. والملفت في الدراسة ان الافضل بين مطاعم الاغنياء والفقراء هي المطاعم ذات الاسعار المتوسطة والتي يهتم روادها بطلب ما يأكلونه فقط دون تبذير.
وفي دراسة هدر الغذاء في المنازل والتي صدرت بالتعاون بين الجامعة اللبنانية الاميركية والجامعة الاميركية في بيروت تحت عنوان ”الممارسات والمواقف المؤثرة على انتاج هدر الغذاء في المنازل في لبنان“ وطالت عينة من 2264 منزلاً من مختلف المناطق، واشتملت على استبيان من 27 سؤالاً طالت 1300 عائلة حيث تبين ان هدر الغذاء في المنازل يزيد لدى العائلات التي تتناول طعامها خارج البيت في حين العائلات التي تتناول طعامها في المنزل تهدر الغذاء بكمية اقل. اما العائلات التي تشتري من السوبرماركت كميات طعام كبيرة فتهدر اكثر ايضاً لأنها تشتري ما يفيض عن حاجتها. واشارت الدراسة الى ان الشعور بالذنب يخفف من الهدر والاهالي في الريف اللبناني يهدرون اقل من سكان المدن لأن الرويين يتشاركون الطعام فيما بينهم.
واكد حسن أنه بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة فأن 61 في المئة من الطعام يتم هدره في المنازل، و26 في المئة في المطاعم والباقي يتم هدره في السوبرماركت. واشار حسن الى ان المطاعم التي تعد المطبخ اللبناني ينتج كل منها 34 كيلو من النفايات يومياً اكثر من المطاعم التي تعد الطعام غير اللبناني مثل ”الفاست فود“. كما تبين ان المطاعم الباهظة الكلفة ينتج كل منها 23 كيلو من النفايات اكثر من المطاعم العادية. واشار حسن الى ان المتعلمين يهدرون كميات اقل من الغذاء، وانه كلما ازداد عدد افراد العائلة كلما انخفضت كمية الطعام المهدورة. وحض حسن المسؤولين في الوزارات والسلطات والهيئات المعنية على اعتماد سياسة توعية ورقابة مع المطاعم للحد من، او خفض كمية الغذاء المهدورة.